تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
حوار هاتفي مع الشيخ أجراه عادل باناعمة
8243 مشاهدة
ضوابط الأخذ بالنص

- جزاكم الله خيرا. طيب فضيلة الشيخ: ما هو الفرق، أو ما الفرق بين التمسك بالنص وعدم تقديم القياس والرأي عليه، وبين الأخذ بظاهر النص دون إعمال لقواعد الفقه والاستنباط ودون النظر للنصوص الأخرى في القضية نفسها؟
لا شك أن النصوص هي الآيات الصريحة الواضحة الدلالة، وكذلك الأحاديث الصحيحة الثابتة، ولكن تعرف أنها لا تفي بجميع الوقائع التي تتجدد في المجتمعات، لا بد أن يكون هناك مسائل تقع متجددة.
فلأجل ذلك العالم -كما ذكر عن الإمام أحمد - يبدأ بما دل عليه القرآن فيفتي بمدلول الآيات، ثم إذا لم يجد نصا من القرآن انتقل إلى الأحاديث الثابتة فيفتي بما دلت عليه هذه الأحاديث؛ لأنها مضمون ومتحقق أنها نصوص نبوية، فإذا لم يجد في الباب حديثا بحث عن آراء وفتاوى الصحابة -رضي الله عنهم-؛ وذلك لأنهم الذين تلقوا العلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيقول برأيهم ويوافقهم، ويقدم قولهم على قول من بعدهم، وقد يتجدد مسائل ليست لها دليل من القرآن ولا من السنة ولا من أقوال الصحابة فيحتاج إلى القياس، ويفتي في هذا الرأي الذي يترجح عنده. هذا ذكره عنه ابن القيم في مقدمة كتابه أو في أول كتابه إعلام الموقعين.
فالحاصل أنه إذا كان هناك نص ظاهر فإنه يعمل به، ولا يحتاج إلى القواعد التي يقعدها الفقهاء، فلا قياس مع النص، ولا يحتاج إلى استنباط، ولا يحتاج إلى نظر في نصوص أخرى تخالف النص، فإذا لم يوجد عمل بالقياس والرأي، وكذلك أيضا طبق القواعد الفقهية التي يقعدها الفقهاء، وكذلك استنباطاته من الأدلة رجع إليها، أو نظر في النصوص التي في القضية، نصوص الفقهاء أو نحوهم عند الحاجة إليها. نعم.